قيمة كل امرء بما يطلب
صفحة 1 من اصل 1
قيمة كل امرء بما يطلب
قـــيـــمـــة كـــل امـــرئ مـــا يـــطـــلـــب
أحبتي الكرام: يقول ابن القيم -رحمه الله- : " سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول:
" في بعض الآثار الإلهية يقول الله تعالى: " إني لا أنظر إلى كلام الحكيم، وإنما أنظر إلى همته"
قال والعامة تقول: قيمة كل امرئ ما يُحسن،
والخاصة تقول : قيمة كل امرئ ما يطلب؛ يريد أن قيمة الرجل همته ومطلبه"[1].
عجيب هي الهمم همة ارتبطت بمن فوق العرش -جل وعلا- إرادة وطلباً ، وشوقاً ومحبة، وإخباتاً ، وإنابة،
لا مُستراح لها إلا تحت شجرة طوبى، ولا قرار لها إلا في يوم المزيد، كلما طال عليها الطريق تلمَّحت المقصد،
وكلما أمّرت الحياة حلى تذكّرت {هذا يومكم الذي كنتم توعدون}.
وهمة دنت عند حفنة شعير يأتي الأعرابي إلى رسول الله يسأله حفنة من شعير قائلاً: يا محمد، أعطني من مال الله،
فإنه ليس من مالك ولا من مال أبيك... ما يطلب إلا ما يذهب إلّا إلى الحش...هذه همة ...
وهمة مغايرة لها تماماً همة ربيعة بن كعب الأسلمي، همة فوق الشمس قال ربيعة :
" كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: " سل" فقلتُ: أسألك مرافقتك في الجنة. قال:
" أو غير ذلك؟" قُلتُ : هو ذاك. قال " فأعني على نفسك بكثرة السجود"[2].
حدث عن القوم فالألفاظ ساجدة** خلف المحاريب والأوزان تبتهلُ[3]
يا لها من همة عالية، وغاية سامية، فالجنة أسمى وأغلى غاية يطلبها المرء،
فكيف تكون إذاً قيمة من كانت الجنة طلبه وبغيته، لا شك أنها تكون قيمة عالية ومكانة طيبة وسمعة جيدة،
فالمطلب غالي ونفيس.
وكذلك الهمة في طلب العلم والزهد عن الدنيا يجعل للمرء قيمة ومكانة بين الناس،
فهذا بشر الحافي- رحمه الله- لما كان مطلبه دنيوي في بداية حياته، لم تكن له قيمة ولا مكانة ،
فلما هداه الله وطلب ما عند الله أحبه الناس فكان يضرب به المثل في الزهد والعبادة ،
فلما مات تجمع الناس ليشيعوا جنازته فخرجت الجنازة بعد صلاة الفجر ولم تصل إلا في الليل إلى المقبرة
من شدة الزحام، فهذه هي القيمة الحقيقة.
لما طلب الصحابة -رضوان الله عليهم- الجنة وبرهنوا على صدق طلبهم على ذلك بالتضحية بكل ما لديهم كانوا أفضل خلق
بعد الأنبياء، وكانت لهم القيمة العالية عند الله- عزوجل- حيث فقد رضي عنهم قال – سبحانه-:
{رضي الله عنهم ورضوا عنه}.
وهكذا بقية السلف كان مطلبهم عالي وذا قيمة عند الله، فهذا عمر بن عبد العزيز-رحمه الله- لما تولى الخلافة
وكان مطلبه الجنة بعد ذلك سعى إلى العدل بين الناس وإحقاق الحق وإبطال الباطل فكانت له قيمة كبيرة بين الناس،
حتى لقبوه بالخليفة الخامس.
وكذلك الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-، كان مطلبه عالي وهدفه سامي فكانت له القيمة العالية بين الناس فلقبوه
بإمام أهل السنة والجماعة، وأما صلاح الدين الأيوبي فقد كان مطلبه عظيم وهو تحرير بيت المقدس وإخراج الصليبيين
منه، فكان المثال الناصع للأمة في الجهاد والتضحية فأصبحت القدس لا تذكر إلا وذكر صلاح الدين معها فاتح القدس
ومحررها من أيد الصليب.
ثم هذا الإمام البخاري -رحمه الله- كانت همته عالية ومطلبه كبير وهو جمع ما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
فألف كتابه المشهور صحيح البخاري فصار أصح كتاب بعد كتاب الله -عزوجل-.
إن قيمتك أيها الإنسان على قدر ما تطلب، فإن كنت تطلب الجنة ورضاء الله فقيمتك غالية،
وإن كنت تطلب الدنيا وأموالها فأنت على قدر ما تطلب،
فلينظر كل إنسان ما ذا يطلب ثم يعلم أن مكانته وقيمته على قدر مطلبه, فإن كان مطلبه غالياً كانت قيمته غالية،
وإن كان مطلبه دنيئاً كانت قيمته كذلك.
قلبي يُحدثني ألّا يليق به *** رضاً بجهل ذليل اللُّب يرضيه
قد ثار ثائر نفسي عزَّ مطلبها*** وطار طائر لُبِّ في مراقيه
كالنسر لا حاجبَ للشمس يحرقُهُ*** ولا الصواعق والأرواح تُثنيهِ
إن لم أنلْ منه ما أروي الغليلَ به*** قد يحمدُ المرءُ ماءً ليس يرويهِ
والقانعون بما قد دان عيْشُهمُ***موت فإن هدوءَ القلب يُرديهِ
يا قلب يهنيك نبضٌ كُلُّهُ حَرَقٌ*** إلى الغرائب مما عزَّ ساميهِ[4].
أخي الكريم: ائت الديار البكر، وارتَد كل يوم منزل فضْلٍ لم يُعرف لأحد في عصرك،
وائت في التنافس بجديد، كأنك طليعة جيش، حتى يصدق فيك قول القائل:
عجباً بأنك سالم من وحشه*** في غاية ما زلتَ فيها مُفردا[5]
وأخيرا: إن هممت فبادر، وإن عزمت فثابر، واعلم أنه لا يدرك المفاخر، من رضي بالصف الآخر .
اللهم اجعل طلبنا وغايتنا رضاك والجنة، وأعلي هممنا ، وقوي عزائمنا.
اللهم ثبتنا على الحق يا رب العالمين.
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::[right]
أحبتي الكرام: يقول ابن القيم -رحمه الله- : " سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول:
" في بعض الآثار الإلهية يقول الله تعالى: " إني لا أنظر إلى كلام الحكيم، وإنما أنظر إلى همته"
قال والعامة تقول: قيمة كل امرئ ما يُحسن،
والخاصة تقول : قيمة كل امرئ ما يطلب؛ يريد أن قيمة الرجل همته ومطلبه"[1].
عجيب هي الهمم همة ارتبطت بمن فوق العرش -جل وعلا- إرادة وطلباً ، وشوقاً ومحبة، وإخباتاً ، وإنابة،
لا مُستراح لها إلا تحت شجرة طوبى، ولا قرار لها إلا في يوم المزيد، كلما طال عليها الطريق تلمَّحت المقصد،
وكلما أمّرت الحياة حلى تذكّرت {هذا يومكم الذي كنتم توعدون}.
وهمة دنت عند حفنة شعير يأتي الأعرابي إلى رسول الله يسأله حفنة من شعير قائلاً: يا محمد، أعطني من مال الله،
فإنه ليس من مالك ولا من مال أبيك... ما يطلب إلا ما يذهب إلّا إلى الحش...هذه همة ...
وهمة مغايرة لها تماماً همة ربيعة بن كعب الأسلمي، همة فوق الشمس قال ربيعة :
" كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: " سل" فقلتُ: أسألك مرافقتك في الجنة. قال:
" أو غير ذلك؟" قُلتُ : هو ذاك. قال " فأعني على نفسك بكثرة السجود"[2].
حدث عن القوم فالألفاظ ساجدة** خلف المحاريب والأوزان تبتهلُ[3]
يا لها من همة عالية، وغاية سامية، فالجنة أسمى وأغلى غاية يطلبها المرء،
فكيف تكون إذاً قيمة من كانت الجنة طلبه وبغيته، لا شك أنها تكون قيمة عالية ومكانة طيبة وسمعة جيدة،
فالمطلب غالي ونفيس.
وكذلك الهمة في طلب العلم والزهد عن الدنيا يجعل للمرء قيمة ومكانة بين الناس،
فهذا بشر الحافي- رحمه الله- لما كان مطلبه دنيوي في بداية حياته، لم تكن له قيمة ولا مكانة ،
فلما هداه الله وطلب ما عند الله أحبه الناس فكان يضرب به المثل في الزهد والعبادة ،
فلما مات تجمع الناس ليشيعوا جنازته فخرجت الجنازة بعد صلاة الفجر ولم تصل إلا في الليل إلى المقبرة
من شدة الزحام، فهذه هي القيمة الحقيقة.
لما طلب الصحابة -رضوان الله عليهم- الجنة وبرهنوا على صدق طلبهم على ذلك بالتضحية بكل ما لديهم كانوا أفضل خلق
بعد الأنبياء، وكانت لهم القيمة العالية عند الله- عزوجل- حيث فقد رضي عنهم قال – سبحانه-:
{رضي الله عنهم ورضوا عنه}.
وهكذا بقية السلف كان مطلبهم عالي وذا قيمة عند الله، فهذا عمر بن عبد العزيز-رحمه الله- لما تولى الخلافة
وكان مطلبه الجنة بعد ذلك سعى إلى العدل بين الناس وإحقاق الحق وإبطال الباطل فكانت له قيمة كبيرة بين الناس،
حتى لقبوه بالخليفة الخامس.
وكذلك الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-، كان مطلبه عالي وهدفه سامي فكانت له القيمة العالية بين الناس فلقبوه
بإمام أهل السنة والجماعة، وأما صلاح الدين الأيوبي فقد كان مطلبه عظيم وهو تحرير بيت المقدس وإخراج الصليبيين
منه، فكان المثال الناصع للأمة في الجهاد والتضحية فأصبحت القدس لا تذكر إلا وذكر صلاح الدين معها فاتح القدس
ومحررها من أيد الصليب.
ثم هذا الإمام البخاري -رحمه الله- كانت همته عالية ومطلبه كبير وهو جمع ما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
فألف كتابه المشهور صحيح البخاري فصار أصح كتاب بعد كتاب الله -عزوجل-.
إن قيمتك أيها الإنسان على قدر ما تطلب، فإن كنت تطلب الجنة ورضاء الله فقيمتك غالية،
وإن كنت تطلب الدنيا وأموالها فأنت على قدر ما تطلب،
فلينظر كل إنسان ما ذا يطلب ثم يعلم أن مكانته وقيمته على قدر مطلبه, فإن كان مطلبه غالياً كانت قيمته غالية،
وإن كان مطلبه دنيئاً كانت قيمته كذلك.
قلبي يُحدثني ألّا يليق به *** رضاً بجهل ذليل اللُّب يرضيه
قد ثار ثائر نفسي عزَّ مطلبها*** وطار طائر لُبِّ في مراقيه
كالنسر لا حاجبَ للشمس يحرقُهُ*** ولا الصواعق والأرواح تُثنيهِ
إن لم أنلْ منه ما أروي الغليلَ به*** قد يحمدُ المرءُ ماءً ليس يرويهِ
والقانعون بما قد دان عيْشُهمُ***موت فإن هدوءَ القلب يُرديهِ
يا قلب يهنيك نبضٌ كُلُّهُ حَرَقٌ*** إلى الغرائب مما عزَّ ساميهِ[4].
أخي الكريم: ائت الديار البكر، وارتَد كل يوم منزل فضْلٍ لم يُعرف لأحد في عصرك،
وائت في التنافس بجديد، كأنك طليعة جيش، حتى يصدق فيك قول القائل:
عجباً بأنك سالم من وحشه*** في غاية ما زلتَ فيها مُفردا[5]
وأخيرا: إن هممت فبادر، وإن عزمت فثابر، واعلم أنه لا يدرك المفاخر، من رضي بالصف الآخر .
اللهم اجعل طلبنا وغايتنا رضاك والجنة، وأعلي هممنا ، وقوي عزائمنا.
اللهم ثبتنا على الحق يا رب العالمين.
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::[right]
نسائم الجنان- جنرال
- المساهمات : 44
تاريخ التسجيل : 04/12/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى